عادت الطائرة “زفير”، وهي بريطانية الصنع وتعمل بالطاقة الشمسية، إلى الأرض بعد أن حجزت لنفسها مكانا في تاريخ الطيران المدني كأول “طائرة أبدية”، إذ بقيت تحلِّق بالجو لمدة قياسية بلغت أسبوعين كاملين بدون توقُّف.
كانت “زفير” قد أقلعت من قاعدة يوما للاختبارات العسكرية بولاية أريزونا الأمريكية في الساعة الواحدة وأربعين دقيقة عصرا بتوقيت جرينتش في التاسع من الشهر الجاري.
هذا وقد حطَّمت “زفير” الرقم القياسي للتحليق إذ ظلَّت تطير فوق حقل عسكري في ولاية أريزونا الأمريكية قبل أن تتلقى أمرا بالهبوط.
وقالت شركة “كينيتيك” المطوِّرة للطائرة إن “زفير” لم يكن لديها أي شيء لكي تثبته من خلال البقاء في الجو لفترة أطول.
فقد حطَّمت “زفير” كافة الأرقام القياسية بالتحمل سبق أن سجَّلتها مركبة جوية غير مأهولة، وذلك قبل أن تهبط منهية عملية تحليقها الطويلة في تمام الساعة 0704 بالتوقيت المحلي (1404 بتوقيت غرينتش) من يوم الجمعة.
إقلاعوكانت “زفير” قد أقلعت من قاعدة يوما للاختبارات العسكرية بولاية أريزونا الأمريكية في تمام الساعة السادسة وأربعين دقيقة صباحا بالتوقيت المحلي (الواحدة وأربعين دقيقة عصرا بتوقيت جرينتش) في التاسع من الشهر الجاري.
ولحظة إتمامها 31 ساعة من التحليق بالجو، تمكنت “زفير” من تحطيم الرقم القياسي لأطول فترة طيران متواصل تقوم بها طائرة بدون طيار من قبل.
لكن “زفير” واصلت تحليقها بعد ذلك، إذ لم تكن مترتبطة بحاجتها للعودة من أجل التزوُّد بالوقود السائل الذي لا بد منه بالنسبة للطائرات التقليدية.
نحن سعداء حقا بهذا الأداء، فهو ذروة سنوات من الجهود التي بذلها فريق ضخم من العلماء والمهندسين الموهوبين حقا
جون سولتمارش، مدير مشروع “زفير” في شركة كينيتيك
رقم قياسيوسيتم الآن رسميا تسجيل رقم قياسي جديد باسم “زفير” في مجال التحمُّل والتحليق المتواصل لأي طائرة بلا طيَّار وبدون إعادة تزويدها بالوقود.
فقد أمضت الطائرة في الجو 336 ساعة و24 دقيقة، محطِّمة بذلك الرقم القديم المسجَّل في عام 2001 باسم طائرة “آر كيو 4 جلوبال هوك” (RQ-4A Global Hawk) التابعة لشركة نورثروب جرومان الأمريكية.
والشرط الوحيد الآن لتسجيل الرقم الجديد بشكل رسمي باسم “زفير” هو أن يقتنع ممثل الاتحاد الدولي للرياضات الجوية، والذي كان متواجدا في قاعدة يوما، بأن الطائرة قد اتَّبعت خلال التحليق كافة القواعد المرعية وبشكل مناسب.
كما حطَّمت “زفير” أيضا الرقم المسجََّل باسم ديك روتان وجيانا ياجر اللذين انطلقا في عام 1986 على متن الطائرة “فويجر” التي تعمل بمحرك نفاث لتأخذهما في أول رحلة حول الأرض بدون توقف ودون أن يعيدا خلالها التزود بالوقود.
وقد استغرقت تلك الرحلة تسعة أيام، قطعا خلالها الملاحان 42420 كيلومترا في 216 ساعة وثلاث دقائق.
رحلة تاريخيةوفي رحلة “زفير” التاريخية، ساعد صفاء الجو على ارتفاع 60 ألف بوصول كميات وافرة من أشعة الشمس إلى الخلايا الشمسية المتراصة الموجودة فوق جناحي الطائرة، وهي مصنوعة من السليكون غير المبلور.
وساعد ذلك بدوره على شحن بطاريات الطائرة، والمكونة من كبريت الليثيوم، الأمر الذي جعل مراوحها تدور وتعمل.
أمَّا في الليل، فقد هوت “زفير” إلى ارتفاع أقل، لكن الطاقة المخزَّنة في بطارياتها كانت أكثر من كافية لإبقاء الطائرة تحلِّق في الجو.
علماء ومهندسونوفي مقابلة مع بي بي سي، قال جون سولتمارش، مدير مشروع “زفير” في شركة كينيتيك، بشأن إنجاز الطائرة: “نحن سعداء حقا بهذا الأداء، فهو ذروة سنوات من الجهود التي بذلها فريق ضخم من العلماء والمهندسين الموهوبين حقا.”
وقال سولتمارش إن “زفير”، والتي يبلغ طول جناحيها 22.5 مترا، لم تعد طائرة تجريبية، بل أضحت جاهزة الآن لبدء حياتها العملية.
ووصف سالتمارش الطائرة بأنها “أول طائرة أبدية في العالم”، متوقعا أن يكون لها طيف واسع من التطبيقات والاستخدامات المتنوعة في المستقبل.
لحظة إتمامها 31 ساعة من التحليق بالجو، تمكنت “زفير” من تحطيم الرقم القياسي لأطول فترة طيران متواصل تقوم بها طائرة بدون طيار من قبل.
فقد تعتمد الجيوش طائرة “زفير” كوسيلة للتجسس والاستطلاع والاتصالات. كما يمكن أن تقوم برامج مدينة معينة بتجهيز الطائرة بأجهزة وحمولات صغيرة تمكنها من تنفيذ مهام مراقبة ورصد دقيقة للأرض.
معرض فانبراوقد أضاف نجاح “زفير” بإتمام طيرانها الاستعراضي خلال معرض فارنبرا الدولي للطيران جنوبي بريطانيا الشهر الجاري الكثير إلى سجل هذه الطائرة.
لكن نقطة الجذب الفريدة بالنسبة لـ “زفير”، والتي تميزها عن بقية الطائرات بدون طيار، فهي مدة تحليقها الطويلة في الجو.
فالأقمار الاصطناعية التي تدور على ارتفاعات منخفضة وتمر بسرعة كبيرة فوق منطقة معينة، والطائرات الكبيرة بدون طيار، والتي تُستخدم في المجالات العسكرية، لا تزال تحتاج للعودة إلى الأرض في فترات زمنية منتظمة من أجل التزود بالوقود، الأمر الذي يجعل قيامها بعمليات مراقبة مطوَّلة أمرا متعذَّرا.
لقد أثبتنا نجاعة المبدأ، وإمكانيتنا على تحقيق الإصرار والمثابرة
جون سولتمارش، مدير مشروع “زفير” في شركة كينيتيك
تطلعات عسكريةويرى سولتمارش أن “شركة كينيتيك” تتطلع الآن إلى وزارتي الدفاع في كل من بريطانيا والولايات المتحدة لكي تضع في الخدمة الطائرة الجديدة، والتي تُعتبر النسخة الحالية منها أكبر بـ 50 بالمائة من سابقاتها.
ويضيف سولتمارش بقوله: “لقد أثبتنا نجاعة المبدأ، وإمكانيتنا على تحقيق الإصرار والمثابرة، وقدرتنا على وضع حمولات وأجهزة على متن الطائرة، بحيث تتمكن هذه الأشياء حقيقة من تنفيذ أمور تحتاج وزارة الدفاع للقيام بها.”
يُذكر أن “زفير، والتي تستمد طاقتها من خلايا ضوئية متراصة مثبتة فوق جناحيها وتعمل على بطاريات للاستخدام الليلي، هي الإنجاز الثاني الذي يتم الإعلان عنه هذا العام في مجال الطيران المدني الذي يعتمد على الطاقة الشمسية .
ففي وقت سابق من الشهر الجاري، أصبح المهندس السويسري أندريه بورشبيرج أوَّل شخص يقوم باختبار طائرة مأهولة تعمل على الطاقة الشمسية وتطير ليلا نهارا.